سؤال أساس قد يكون من "نوعية اللامعقول" لدى رافضي "فكرة سيناريو التعمد" في تحقيق ظاهرة "عولموية الفيروس السوداء"؛ لكن هذا السؤال ينبغي أن يفرض ذاته على العقل المراقب لظاهرة نشر الرعب؛ أو "الرعبنة" الراهنة وهو: هل تمت هندسة فيروس كورونا الجينوية في معامل التخليق البيولوجوي العسكريتارية الأميركية بحيث يترصد بمهارة الذكاء الاصطناعوي الفائقة ضحاياه؛ ويتخيرهم قبل أن يجهز عليهم أو يغادر أجسادهم؟!

إن ما تسرب من معلومات حول استصناع ذلك الفيروس أو تخليقه؛ يرسخ الميل للقناعة بلعبة السيناريوهات تلك؛ وهو ما جرى الكشف عن أساساتها في الحلقتين السابقتين من هذه التدوينة حول زلزال الفيرسة العولموية بـ "كورونا".

*****

وهنا من المهم للغاية التأمل بدقة ويقظة واسترابة لتراتبية ما نشر قبل ظهور "فيروس كورونا" تحديداً؛ والمعروف بعنوان "تمرين الدكتور إيريك تونر" من جامعة جون هوبكنز بولاية بالتيمور الأميركية، والخاص بإدارة تفشي الأوبئة؛ ومناقشة الخيارات الممكنة لمواجهة فيروس من عبر نموذج إليكتروني لانتشار فيروس مصطنع أو متوهم.

ويتضمن هذا التمرين التوصل إلى أن النتيجة هي تباطؤ انتشار الفيروس بعد 18 شهراً من ظهوره لسببين اثنين: إما بموت الذين أصابهم، أو أنهم اكتسبوا المناعة ضده؛ غير أن المخيف في هذا النموذج الإليكترونوي أن ذلك الفيروس الافتراضوي المتوهم حسب سيناريو المحاكاة تسبب في مقتل 65 مليونا من الأشخاص... وهو رقم يصيب بالرعب حقاً. فهل يتحقق ذلك السيناريو فعلانياً بالتطبيق في حالة "فيروس كورونا المستحدث".

*****

والسؤال التفكيكوي هو: هل هناك ارتباط بين ذلك التمرين الافتراضوي المسبق حول "اجتياح فيروس متخيل" للعالم وإسقاط ملايين الضحايا... وبين "جائحة كوفيد 19" التي أحدثت زلزالا غريبا في العالم ولا تزال؛ في ظاهرة يقف خلفها بالتأكيد رأس المال العولموي باعتباره المستفيد الوحيد من عائدات العلاجات التي سيتم بيعها للعالم كله فور الانتهاء من تجهيزها واستصناعها؟!

الإجابة على هذا السؤال هي: بلى، فالارتباط وثيق الصلة؛ ويؤكد اتهام الصين للولايات المتحدة الأميركية باستصناع وترويج هذا الفيروس؛ إذ المعروف أن البحث العلموي في مؤسسات دول الغرب الرأسمالوية لا يكون منعزلا عن تحقيق رغائب رأس المال؛ لأنه الذي ينفق ويمول البرامج البحثوية، بهدف استثمارها وتوظيفها لاحقاً بما يحقق العوائد الثرواتية الكثيفة!

لذلك فما الذي يمنع أن يكون "تمرين الدكتور إيريك تونر" الخاص بإدارة تفشي الأوبئة الذي افترض موت 65 مليونا بفيروس افتراضوي "سيناريو عملاني" عن حالة استقصاء مسبق – كعادة دول الغرب - لنتائج حالة فيرسة لَمْ تُطْلَقْ بَعْد، من أجل وضع "تصورات افتراضوية" لأنتشار الفيروس - أي فيروس جرى تخليقه أو تطويره – ونتائجه وعائدات تطبيبه والعلاج الدوائوي له؛ لكي يُجري الفاعل الرأسمالوي إدارة حساباته بالمقاييس العلموية؛ ويحتسب مردودات تكاليفه لعمليات الاستثمار في حقل أنشطته الاقتصادوية ومستويات ربحويته المليارية!

*****

ومن غرائب المشاع حول "جائحة كوفيد 19" أو "فيروس كورونا" أنه يتخير للقتل بتأثيراته عمداً عن سبق إصرار وترصد نوعية محددة من الناس؛ هم "كبار السن" الذين وصلوا إلى" سنوات التقاعد الوظيفوي" حسب تعبيرات الخطاب الغربوي المروج له، والذي يربط بين "التقدم في العمر" و"الموقف الوظيفوي" من العمل؛ إذ لا يخلو أي تقرير إعلاموي أو توجيه رجال الطب من الإشارة إلى العجائز وكبار السن كضحايا. وتشتعل كل تقارير المتابعة بالتركيز على هذه الفئة تحديدا.

فهل تمت "الهندسة الجينوية" في المعامل لفيروس "كوفيد 19 " كورونا لكي يكون عنصريا بالنهج والمسلك ليجعله يترصد مواضع الضعف لدى كبار العمر والمصابين بأمراض الشيخوخة والسكري فقط على وجه العموم ويصيبها في مقتل؟ بحيث يذهب بمهارة محتسبة إلى مواطن التداعي المنهكة في أجساد الكبار؛ ويخترقها ويُجهز عليها. أي أنه فيروس قاتل محترف قد يكون مبرمجا ليؤدي الوظيفة المحددة وهي قتل من دخل عتبة الستين وما فوق من العمر؟!!

إن الإجابة على هذه التساؤلات الأفتراضوية تكون بقصد ممارسة عمليات التفكيك للإمساك بالمسكوت عنه في عملية نشر هذا الفيروس وتعميمه عولمويا؛ لذلك تتطلب قراءة بعض الدوافع التي ربما تكون مختبئة في "سيناريوهات إدارة الأزمة". ومن المنطقي التساؤل عن سر اختيار "كبار العمر" و"المتقاعدين" بالتخصيص، ليكونوا ضحايا هذه المذبحة الفيروسوية الجديدة وليس غيرهم؟

وإذا كان البعض لا يدرك الحيلة وراء برمجة هذا الفيروس القاتل المحترف الجديد؛ فلديهم الأعذار بعدم الإحاطة بالغرض الذي يحرك هذه "الجائحة الجديدة" ويجعلها عولموية الشكل؛ ويختار لها تعبير "الجائحة" أو الوباء منذ بداية الإشهار عنه في الصين.

وهنا ينبغي العودة لتأمل تعبير "المتقدمين في العمر والمتقاعدين من الوظائف"؛ فهنا كما يُقْال مربط الفرس؛ ودليل الكشف عن التخصص الذي يتميز به فيروس كورونا في القتل العمد الجاري على صعيد العالم؛ وارتباط ذلك بالأوضاع الاقتصادوية في كثير من الدول المنتكبة به؛ وبالتحديد في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التي تشكل بنية النظام الرأسمالوي القديم (فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وأسبانيا و... و...إلخ) والرأسمال العولموي الجديد (الولايات المتحدة الأميركية).

*****

إن "اقتصادات كبار العمر والمتقاعدين من العمل الوظيفوي" كبيرة للغاية في هذه المنظومة؛ والمعروف إن معدلات التجدد في البنية السكانية بهذه الدول متباطئة للغاية بتحديد الإنجاب وانهيار منظومات الزواج؛ بما يقلب موازين جداول العمر بها؛ ويؤثر على موازين القوى العاملة ويخل بها، على الرغم من اعتماد الانتاج على العمل الأوتوماتوي أكثر من العمل اليدوي.

والمعروف أن بيئة العمل الرأسمالوية في أوروبا وأميركا تحتاج إلى عمال أكثر شبابا لتحمل أعباء ومجهودات الانتظام في دواليب الإنتاج؛ فضلاً – وهذا هو الأهم - عن دورهم الادخاروي الإجباري، باشتراكاتهم في "صناديق التقاعد" المفروضة في بيئة العمل. أي أن شباب العمال والموظفين "تحت سن التقاعد" يُراكمون الأموال التضامنوية خلال سنوات عملهم الوظيفوي؛ أي يحملون صفة الممولين المميزين لصناديق التقاعد، والتي تمثل أحد أهم بيوت الاستثمار في البورصات وأسواق السندات والأسهم. واستمرار تضخم محافظها يُعطي تلك الأسواق زخما كبيرا؛ فتساند الحياة الاستثمارية بهذه الدول الرأسمالوية.

والعكس صائب أيضا في هذه "القراءة التفكيكوية " لظاهرة الفيرسة العولموية من المنظور الاستثماروي. فكبار العمر والمتقاعدون يتحولون إلى مستهلكين غير ممولين؛ يسعون للحصول على عوائد اشتراكاتهم في صناديق التقاعد؛ ويكلفون الميزانيات العامة بدولهم بحصص ما تقدمه الدولة لكل متقاعد؛ وفق القوانين العامة في ميزانيات التقاعد، والتي تصل نسب مقاديرها إلى 20 %.

وفضلاً عن ذلك... فالمتقاعد وكبير العمر يكون حاملا دوما لظواهر الشيخوخة مثل الأمراض النمطوية (السكري والضغط والسمنة والسمع والبصر والزهايمر... إلخ) والطبابة من هذه الأمراض تكلف الميزانيات العامة، والصناديق الاجتماعوية الكثير من الأعباء الاقتصادوية المُسْتهلكة للأموال العامة، بما يمثل النزيف المؤثر على العافية الاقتصادوية في ضوء الارتفاع بمستويات العمر، وعدم تنمية قواعد العمر الصغير في التكلفة الخدماتية الاجتماعوية.

*****

إن دراسات اقتصادات التقاعد تكشف أنها ذات تأثيرات محسوسة على الاقتصادات الرسموية للحكومات الأوروبية؛ وتمثل إرهاقاً للميزانيات العامة نتيجة ما تلتزم به الحكومات؛ وإذا أصيبت صناديق التقاعد بالعوار والنزف المستمر فهذا قد يؤثر على قدرات أسواق المال؛ وبالتالي تنخفض قيمتها الكلية، وهو ما يُلقي على الحكومات أعباءً اقتصادوية كبيرة؛ بالمساهمة في سد عجز "صناديق التقاعد" تجنباً لمخاطر الغضب الاجتماعوي، واشتعال التظاهرات والاحتجاجات المستمرة ضد الحكومات ذات النهج اليميني وليس الاشتراكي؛ ( حالة معارضة النقابات في فرنسا لتعديل نظام التقاعد أنموذجا).

وفي الولايات المتحدة تتكلف الدولة الأميركية أعباء كبيرة لقرابة – حسب الدراسات – 42 مليون متقاعد (13 % من السكان) على الرغم من أن عائد التقاعد للموظف الأميركي يكون متدنياً لكن يتم تعويضه إلى حد ما عَبْرَ ما يُسمى "برنامج الدخل الاجتماعوي، والذي يقدم أقل من نصف مبلغ تقاعده لدعمه"؛ بجانب نسبة الخصومات في المحال التجارية والفنادق لفئة المتقاعدين وكبار السن.

ولا يتوقف الأمر عند دعم "صناديق التقاعد" فقط؛ فهناك الأعباء المالية الكبيرة والخاصة بالرعاية الصحية لكبار السن بعد الوصول إلى سن التقاعد؛ بما يُلبي متعلقات بطاقات الرعاية الصحية للمتقاعدين؛ تأميناً صحياً لتغطية تكاليف الطبابة والدواء. وكل ذلك تجنبا لأن تكون هذه الشريحة العمرية الملتزمة بروتوكوليا ألا تشكل عنصر ضغط سياسوي؛ وقد تثير مخاوف هزيمة الأحزاب في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بهذه الدول.

يضاف إلى ذلك أن الدورات التراجعية والركود والأزمات في المجتمع الاقتصادوي العولموي – حسب "وكالة موديز" للتصنيفات الائتمانية - تتسبب في خسائر استثمارية لصناديق التقاعد الأميركية العامة؛ وأحدث المعلومات تؤكد أن "انهيار سوق الأسهم والتداعيات الاقتصادوية لتأثيرات فيروس كورونا أنزلت خسائر استثمارية بنحو تريليون دولار بصناديق التقاعد الأميركية العامة".

*****

فهل ما أعلنته منظمة الصحة العالمية من معلومات رسمية بأنه "يطال كبار السن فوق 65 عاماً"، وهو سن التقاعد في الدول الأوروبية والأميركية وبعض الدول الأسيوية والشرق أوسطية أيضا... يؤكد "العنصرية البغيضة" لهذا الفيروس المستصنع باختيار من يقتله؛ وهم كبار السن وأرباب المعاشات الذين يرهقون أنظمة الحكم الرأسمالوية بأعبائهم؟!

الأمر لا يدعو للسخرية ولا ينبغي. وخذوا بجدية ما أفرزته "عولموية الفيرسة" من تجاوز المقاييس الإنسانوية في تلك المجتمعات المشهور عنها كذبا "بلدان الديموقراطية"؛ فهذه إيطاليا – حسب صحيفة "التليجراف" – تحت ضغط الترهل الدولاتي تمرر توجها بروتوكوليا عبر "وحدة إدارة الأزمات في تورينو" التي تعلن بفجاجة: أنها تقترح منع من تبلغ أعمارهم ال 80 عاما ووصلوا حالة التدهور من دخول الرعاية الفائقة " في حال زيادة أعداد المرضى عن الأسرّة المتوافرة في المستشفيات"!!


وهذا الرأي "البرجماتوي الذرائعوي" يعتمد برتوكولا منطوقه: "يتم تحديد الأشخاص الذين يمكنهم الحياة؛ والذين سيموتون بناءً على العمر والحالة الصحية للمريض، هكذا هي الحرب"!! وهنا تتجلى كيفية "إدارة الأزمات وفق الضرورات" بحرمان إنسان من حق الحياة مهما كان عدد سنوات عمره؛ بعيداً عن المساءلة بغياب قيم الرحمة في مجتمعات تدعي أنها ديموقراطية وتحترم حقوق الإنسان!!

*****

إن تفكيك حالة "الفيرسة العولموية" بـ "كورونا" والتي أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها تجاوزت – حسب الوكالات - في أحدث الإحصاءات 634.835 ألف إصابة لتصل إلى أكثر من 700 ألف إصابة، ووفاة " 29957"، ووصول الفيروس إلى 202 دولة حول العالم؛ كل ذلك يكشف بعض الجوانب الاقتصادوية المحركة لظاهرة فيروسوية مثيرة للتساؤلات.

****

وأمام "تعصب" ذلك الفيروس باستهداف كبار العمر والمتقاعدين؛ وما يشيع عن إعلان الحرب عليهم كقوة عمل أنتهت فعالياتها في زمان العبودية السياسوية والاقتصادوية وظيفويا... فهل هذا يؤكد على افتراض أنه فيروس مُهَنْدَس في المعامل البيولوجوية ليتصيد ضحاياه المستهدفين؛ بمسلكيته العنصروية؛ لكي يختلق ما تُسمى "حالة المذبحة".

وعلينا بسخرية القول إطلاق صيحة التحذير التالية: "أيها المتقاعدون والعجائز جهزوا مقابركم... لتكونوا موتى كورونا"!! وفي "الحلقة الرابعة" المزيد من القراءة التفكيكوية لزلزال و"مذبحة الفيرسة العولموية" بـ "كورونا"!!



مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).